إنهاء النزاعات واتفاقيات "أبراهام" والشراكات الاقتصادية مع إفريقيا.. خطوط التماس بين المغرب واستراتيجية الأمن القومي الأمريكية الجديدة

 إنهاء النزاعات واتفاقيات "أبراهام" والشراكات الاقتصادية مع إفريقيا.. خطوط التماس بين المغرب واستراتيجية الأمن القومي الأمريكية الجديدة
الصحيفة - حمزة المتيوي
الثلاثاء 9 دجنبر 2025 - 19:00

وجد المغرب نفسه على خط التماس مع مجموعة من الأفكار والرؤى الواردة في استراتيجية الأمن القومي الجديدة التي نشرها الموقع الرسمي للبيت الأبيض، بعدما كان الرئيس دونالد ترامب قد وقعها بشكل رسمي شهر نونبر المنصرم، إذ ستجد المملكة نفسها معنية ضمنيا بمستقبل العلاقات الدبلوماسية بين الدول الإسلامية وإسرائيل، إلى جانب مساعي الإدارة الأمريكية لإنهاء النزاعات ومستقبل شراكتها مع إفريقيا.

وانطلق استراتيجية الأمن القومي الجديدة، على فكرة "تقاسم أعباء السلام" بخصوص التعامل مع قضايا الشرق الأوسط، وأورد نص الوثيقة أنه على مدى نصف قرن على الأقل، منحت السياسة الخارجية الأمريكية الأولوية لهذه المنطقة مقارنة بباقي مناطق العالم، بسبب أنها ظلت لعقود المصدر الأهم للطاقة عالميا، كما كانت مسرحا رئيسيا للتنافس بين القوى العظمى، وموطنا لصراعات تهدد بالامتداد إلى فضاءات أوسع، بل وحتى إلى السواحل الأمريكية.

وتابعت الاستراتيجية "اليوم، اثنان على الأقل من هذه العوامل لم يعودا قائمين، فقد تنوعت مصادر الطاقة بشكل كبير، وأصبحت الولايات المتحدة مرة أخرى مُصَدِّراً صافيا للطاقة، أما التنافس بين القوى العظمى، فقد تحول إلى سباق تحتفظ فيه الولايات المتحدة بأفضل موقع ممكن، مدعومة بالنجاح الذي حققه الرئيس ترامب في إعادة تنشيط تحالفاتنا في الخليج، ومع شركاء عرب آخرين ومع إسرائيل".

وأوردت الوثيقة أن إيران التي تعد "القوة الأكثر زعزعة للاستقرار في المنطقة"، تم إضعافها بشكل كبير نتيجة العمليات الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر 2023، وبفعل عملية "مطرقة منتصف الليل" التي نفذها الرئيس ترامب في يونيو 2025، والتي ألحقت ضررا بالغا بالبرنامج النووي الإيراني، أما الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، فما يزال معقدا، لكن "بفضل وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن الذي تفاوض عليه الرئيس ترامب، تم تحقيق تقدم نحو سلام أكثر ديمومة".

المسألة التي تهم المغرب بشكل مباشر في الجزء المخصص للشرق الأوسط، تتعلق أساسا بنشاط الجماعات المسلحة، وفي هذا الصدد ترى الاستراتيجية الجديدة أن دول المنطقة "تُظهر التزاما متزايدا بمحاربة التطرف، وهي توجهات ينبغي للسياسة الأمريكية الاستمرار في تشجيعها، وبصيغة مثيرة للانتباه تُردف الوثيقة "غير أن ذلك يتطلب التخلي عن التجربة الأمريكية الخاطئة التي تقوم على توبيخ هذه الدول، خصوصا الملكيات الخليجية، ودفعها للتخلي عن تقاليدها وأنظمتها التاريخية".

وترى نسخة ترامب من استراتيجية الأمن القومي أنه على واشنطن "شجيع الإصلاح والإشادة به عندما يظهر بشكل طبيعي، من دون فرضه من الخارج، فالعلاقة الناجحة مع الشرق الأوسط تعتمد على قبول المنطقة وقادتها ودولها كما هي، والعمل معها في مجالات المصالح المشتركة"، وتضيف في الفقرة الموالية أن للولايات المتحدة "مصلحة واضحة في توسيع اتفاقات أبراهام لتشمل مزيدا من الدول في المنطقة، ودولا أخرى في العالم الإسلامي"، في إشارة إلى الاتفاقيات الدبلوماسية مع إسرائيل التي ترى الإدارة الأمريكية أن المغرب جزء منها.

لكن الأفكار التي تهم مستقبل العلاقة مع الرباط، تنطلق أيضا من ديباجة الاستراتيجية المكونة من 29 صفحة، وتحديدا ما يتعلق بملف منطقة الصحراء التي اعترف ترامب بالسيادة المغربية على أراضيها في نهاية ولايته الأولى، عندما وقع مرسوما رئاسيا بذلك في دجنبر من سنة 2020، قبل أن يعود في ولايته الثانية للدفع بالقضية نحو حل نهائي يستند على مفاوضات ترعاها الأمم المتحدة وتنطلق من مقترح الحكم الذاتي، وفق ما ورد في قرار مجلس الأمن 2797 لـ 31 أكتوبر 2025.

وعلاقة بذلك، أوردت الوثيقة أن ترامب "رسخ إرثه بصفته رئيس السلام، فإضافةً إلى النجاح اللافت الذي تحقق خلال ولايته الأولى عبر اتفاقات أبراهام التاريخية، استثمر قدرته على إبرام الصفقات لتحقيق سلام غير مسبوق في ثمانية نزاعات عبر العالم خلال ثمانية أشهر فقط من ولايته الثانية"، وهو ما يرتبط مباشرة بمساعيه لإنهاء الصراع حول الصحراء، والذي يتولى الوساطة فيه بين المغرب والجزائر كبيرُ مستشاريه لشؤون إفريقيا، مسعد بولس.

وترى استراتيجية ترامب أن وقف النزاعات الإقليمية قبل أن تتطور إلى حروب عالمية تُغرق قارات بأكملها "يُعدُّ أولوية للقائد الأعلى للقوات المسلحة، ويمثل أحد الاهتمامات الكبرى لهذه الإدارة"، معتبرة أن "عالما مُشتعلا تصل حروبه إلى الشواطئ الأمريكية يضر بمصالح واشنطن، ولهذا يستخدم الرئيس ترامب دبلوماسية غير تقليدية، وقوة أمريكا العسكرية، ورافعتها الاقتصادية، لإطفاء شرارات الانقسام بين دول تمتلك قدرات نووية أو بين أطراف تخوض حروبا دامية تغذيها أحقاد ضاربة في التاريخ".

ويجد المغرب نفسه معنيا أيضا برؤية استراتيجية الأمن القومي الأمريكية للعلاقة مع قارة إفريقيا، وفيها تبرز بوضوح "براغماتية" الإدارة الحالية، إذ تقول إنه "لوقت طويلٍ جدًا، انصبَّ تركيز السياسة الأمريكية في إفريقيا على تقديم ثم نشر الإيديولوجيا الليبرالية، ويتعين عليها، بدلًا من ذلك أن تبحث عن شراكات مع عدد من الدول المختارة بهدف تخفيف حدة النزاعات، وتعزيز علاقات تجارية متبادلة المنفعة، والانتقال من نموذج المساعدات الخارجية إلى نموذج قائم على الاستثمار والنمو، قادر على استغلال الموارد الطبيعية الوفيرة لإفريقيا وإمكاناتها الاقتصادية الكامنة".

وبموجب الوثيقة الجديدة، ستنتقل واشنطن "من علاقة قائمة على تقديم المساعدات إلى علاقة قائمة على التجارة والاستثمار، مع تفضيل الشراكات مع دول قادرة وموثوقة، تلتزم بفتح أسواقها أمام السلع والخدمات الأمريكية"، وترى أن من بين "المجالات العاجلة التي تستحق الاستثمار الأمريكي في إفريقيا، والتي تحمل آفاقًا لعائد جيد، قطاع الطاقة وتطوير المعادن الاستراتيجية"، خالصة إلى أن "تطوير الطاقة النووية المدعومة أمريكيا إلى جانب النفط والغاز الطبيعي المسال، يمكنه أن يحقق أرباحا للشركات الأمريكية ويساعد في المنافسة على المعادن الحيوية وغيرها من الموارد".

القفطان.. وأزمة الهوية عند الجزائريين

طُويت معركة أخرى أرادت الجزائر أن تخوضها ضد المغرب، وهذه المرة ليس في مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء، بل داخل أروقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، التي تعقد ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...